٢ مارس ٢٠٢٥م، الرياض

الأمير تركي الفيصل، سفير المملكة العربية السعودية الأسبق لدى واشنطن ولندن، ورئيس الاستخبارات العامة السعودية الأسبق.

الأمير تركي الفيصل، سفير المملكة العربية السعودية الأسبق لدى واشنطن ولندن، ورئيس الاستخبارات العامة السعودية الأسبق.

وَجَّهَ الأمير تركي الفيصل، عبر صحيفة ذا ناشيونال، رسالةً إلى الرئيس دونالد ترامب ردًّا على دعوة الأخير لترحيل الفلسطينيين من غزة، جاء فيها:

الرئيس دونالد ترامب المحترم

الفلسطينيون ليسوا مهاجرين غير شرعيين ليُرَحَّلوا إلى بلدانٍ أخرى؛ فالأرض أرضهم، والبيوت التي هدمتها إسرائيل بيوتهم، وسيعيدون بناءها كما فعلوا سابقًا بعد الهجمات الإسرائيلية عليهم.

إن أغلب سكان غزة هم من اللاجئين الذين هُجِّروا من ديارهم، التي تسمى اليوم إسرائيل والضفة الغربية؛ بسبب ارتكاب إسرائيل هجمات الإبادة السابقة في حقهم في حربَيْ ١٩٤٨م و١٩٦٧م. وإذا كان مُقَرَّر تهجيرهم من غزة، فيتعيَّن السماح لهم بالعودة إلى ديارهم وبساتين البرتقال والزيتون في حيفا ويافا وغيرهما من المدن والقرى التي فروا أو هُجِّروا منها قسريًّا على أيدي الإسرائيليين. 

السيد الرئيس، إن عشرات آلاف المهاجرين الذين قدموا إلى فلسطين من أوربا وبلدان أخرى بعد الحرب العالمية الثانية سرقوا منازل الفلسطينيين وأراضيهم، وأرهبوا أهلها، وشنُّوا حملةَ تطهيرٍ عِرقيّ. ومع الأسف الشديد، دعمتهم أميركا والمملكة المتحدة، المنتصرتان في الحرب؛ بل ساعدتا في عمليات التهجير القاتلة التي تعرَّض لها الفلسطينيون من منازلهم وأراضيهم.

ولم ترغب أميركا والمملكة المتحدة في استقبال ضحايا محرقة أدولف هتلر؛ لذا فقد اكتفتا بإرسالهم إلى فلسطين. وتشير المؤلفة ديانا بريستون في كتابها الموسوم «ثمانية أيام في يالطا»، إلى حديث بين الرئيس الأميركيّ آنذاك فرانكلين روزفلت ونظيره الروسيّ جوزيف ستالين، فتقول بريستون: «تَحوّل الحديث إلى موضوع الأوطان اليهودية، وقال روزفلت بأنه صهيوني... عندما سأل ستالين روزفلت عن الهدية التي يعتزم تقديمها إلى [الملك السعودي] ابن سعود، أجاب روزفلت بأن المكافأة الوحيدة التي قد يقدمها له هي ستة ملايين يهودي...».  

ومن حسن الحظ، أن الملك السعودي حَرَّرَ روزفلت من الوهم الذي كان يعتريه، واقترح عليه أن يقدم أفضل الأراضي الألمانية لليهود تعويضًا لهم عن المحرقة. ومع الأسف الشديد، أَيَّدَ هاري ترومان، خليفةُ روزفلت، الهجرةَ اليهودية إلى فلسطين قلبًا وقالبًا، وهو ما أصبح في نهاية المطاف ذريعةً لإقامة دولة إسرائيل.

تعترف مئة وتسع وأربعون دولةً بالدولة الفلسطينية؛ أرجو أن تكون دولتكم هي الدولة رقم ١٥٠.

إن العنف وسفك الدماء الذي نشهده اليوم هو نتيجة لهذا العمل والتواطؤ البريطاني السابق مع الطموحات الصهيونية منذ عام ١٩١٧م حتى الآن.

السيد الرئيس، إن نيتكم المعلنة في إحلال السلام في فلسطين تحظى بإشادة كبيرة في منطقتنا، وبكل احترام أقترح أن يتم ذلك من طريق منح الفلسطينيين حقهم الراسخ في تقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، كما هو منصوص عليه في قرارَيْ الجمعية العامة للأمم المتحدة رقمَيْ ١٨١ و١٩٤، وقرارَيْ مجلس الأمن رقمَيْ ٢٤٢ و٣٣٨، ومبادرة السلام العربية.

لقد قبلتْ جميع الدول العربية والإسلامية، وكذلك السلطة الفلسطينية، بنودَ مبادرة السلام العربية؛ لإنهاء النزاع وإقامة العلاقات مع إسرائيل، وتعترف مئة وتسع وأربعون دولةً بالدولة الفلسطينية؛ لذا أرجو أن تكون دولتكم هي الدولة رقم ١٥٠، ولن يتحقق السلام في الشرق الأوسط من دون حل هذه القضية النبيلة بالعدل والمساواة. 

ولنتذكرك رجل سلام.